أبو محمد عبدالله بن محمد البيطار المالقي نشأ في الأندلس في آواخر القرن السادس الهجري وتوفي بدمشق سنة 646 هـ
يعدّ ابن البيطار أعظم علماء النبات في عصره وأكثرهم إنتاجاً درس النبات في بلاد مختلفة فرحل إلى الشام ومصر وبلاد الروم واليونان رغبة في العلم وجمع الحشائش والنيتات واجتمع هناك إلى بعض الذين يعنون بعلم النبات أخذ عنهم معرفة نبات كثير وعاينه في مواضعه وكان لملاحظاته الخاصة وتنقيحاته القيمة الأثر الكبير في السير بهذا العلم خطوات واسعة
ولابن البيطار حافظة عجيبة وذاكرة قوية أدهشت الذين عاصروهولازموه فقد كان لا يذاكر دواء إلا ويعين في أية مقالة هو أو كاتب وفي أي عدد هو من جملة الأدوية وما قالوه عنه وخواصه العلاجية ومن هنا يتجلى أن ابن البيطار كان واقفاً على ما حوته كتب الذين سبقوه وقد فهمها جيدا واستخلص منها الأدوية والعقاقير المتنوعة
ألف ابن البيطار في النبات فزاد في الثروة العلمية ويعد كتابه : الجامع لمفرادات الأدوية والأغذية من أنفس الكتب النباتية استقصى فيه ذكر الأدوية المفردة وأسمائها وتحرير وقواها ومنافعها وبين الصحيح منها وما وقع الاشتباه فيه وقد ألفه بعد دراسات طويلة وتحقيقات مضينة في بلاد اليونان والأندلس والمغرب وآسيا الصغرى واعتمد في بحوثه على كتب عديدة لأكثر من مئة وخمسين مؤلفاً بينهم عشرون يونانياً ولم يقف الأمر عند حد النقل بل وضع فيه ملاحظاته الخاصة وتنقيحات المتعددة كما وصف فيه أكثر من 1400 عقار بين نباتي وحيواني ومعدني منها 300 جديدة
وقد بين الفوائد الطبية لجمع هذه النباتات وكيف يمكن استعمالها أدوية وأغذية
وكان ابن البيطار يدقق النقل عن الأقدمين أو المتأخرين فما صحّ عنده بالمشاهدة والنظر وثبت لديه بالخبرة أخذ به وما كان مخالفاً نبذه ولم يعمل به
ومن مزايا هذا الكتاب أنه رتبه على حروف المعجم لتقريب مأخذه وليسهل على القارئ والطالب مطالعته دون مشقة أو عناء وأشار فيه ابن البيطار إلى كل دواء وقع فيه وهم أو غلط لمتقدم أو متأخر لا عتماد أكثرهم على النقل واعتماده على التجربة والمشاهدة
وذكر فيه أيضاً أسماء الأدوية بسائر اللغات المتبانية بالإضافة إلى منابت الدواء ومنافعه وتجاربه الشهيرة وكان يقيد ما يجب تقييده منها بالضبط وبالشكل والنقط وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللاتينية والفرنسية والألمانية وغيرها من اللغات الأوربية واعتمد عليه علماء أوربا وأخذوا عنه كثيراً